بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 نوفمبر 2010

لمسة وفاء للخطاط والتربوي المقدسي محمد صيام

لمسة وفاء للخطاط والتربوي المقدسي محمد صيام
السيرة الذاتية للخطاط محمد صيام
بقلم ابنته د. عفاف محمد صيام










ولادته:
ولد محمد صيام في لفتا عند المدخل الغربي لمدينة القدس بفلسطين عام 1917، ويؤرخ ميلاده بحادثة تاريخية مميزة في حياة شعبنا الفلسطيني وذلك عند دخول الاستعمار البريطاني لفلسطين، وقيامه بمحاصرة المدينة المقدسة من منطقة رميما المعروفة باسم الشيخ بدر، يقول محمد صيام: "لقد تم إقامة نصب تذكاري أرّخ عليه هذا الحدث التاريخي، وفي تلك الليلة المشؤومة يقال بأنني ولدت، وذلك الحجر المنصوب في تلك البقعة من الديار الإسلامية هو شهادة ميلادي".




دراسته:
التحق في سن مبكر في مدرسة لفتا/ القدس الغربية، حيث تعلم القرآن الكريم واللغة العربية والحساب، ثم انتقل إلى مدرسة البقعة ودرس فيها لمدة أربع سنوات، ثم في مدرسة التمرين لمدة سنتين، ثم إلى المدرسة الرشيدية في القدس.
شغف باللغة العربية وآدابها منذ نعومة أظفاره، وبالخط العربي بصورة خاصة فلقد اكتشفه الأستاذ الخطاط عبد القادر الشهابي الذي كان يدرّسه في المدرسة الرشيدية، وكان خطاطاً بارعاً لا يضاهيه أحد في فلسطين، وكان يعلم الخط العربي، فانتبه إلى فناننا وأعجب بخطه وبدأ برعايته وتشجيعه، وقال له: "إذا طوّرت نفسك فسوف يكون لك شائن كبير في المستقبل". يقول محمد صيام: "بقيتْ هذه النصيحة في ذهني ولم أدرك وقتها ما تنبأ به أستاذي الكريم".
بعد أن أنهى دراسته في المدرسة الرشيدية انتقل إلى مدرسة تراسنطة بالقدس، حيث أراد والده أن يتقن اللغات الأجنبية التي كانت تدرّس في تلك المدرسة، درس فيها لمدة سنة واحدة وبالفعل أتقن عدة لغات.
قام برحلة إلى بوليفيا بناء على طلب والده الذي كان يكره الهجرة من الوطن، فلقد ذهب شقيقة الأكبر حسني إلى بوليفيا وبقي هناك عند أخواله، لكن الوالد لم يرق له هذا فأرسل محمد صيام ابنه الأصغر لإعادة الأخ الأكبر حسني من بوليفيا، وبقي سنة هناك وأتقن اللغة الاسبانية. عاد بعدها وأرجع أخوه إلى أرض الوطن.




تدريسه:
تعيّن محمد صيام في سلك التعليم فدرّس في مدرسة لفتا لمدة أربع سنوات، وكانت مدرسة لفتا مدرسة مختلطة فيها الإناث والذكور، والجدير بالذكر هنا أن محمد صيام درّس في هذه المدرسة ابنة خاله مريم عمر عاقلة والتي أصبحت فيما بعد زوجته ورفيقة دربه.
















المرحلة الثانية من حياته:
سافر محمد صيام إلى مصر سنة 1934، ودرس في دار العلوم المصرية، ومدرسة تحسين الخطوط الملكية في القاهرة، وتلقى هذا الفن على يد الخطاط الشهير الأستاذ سيد إبراهيم، وتعرف محمد صيام على أعلام الخط العربي، منهم نجيب هواويني ومحمد حسني ومحمود عبد الرازق ومحمد علي المكاوي والشيخ محمد عبد الرحمن ومحمود الشحات وغيرهم، وهم أساتذة كلية تحسين الخطوط في القاهرة، وقد منحه أستاذه سيد إبراهيم إجازة في الخط العربي، حيث كان عميداً لكلية تحسين الخطوط الملكية في القاهرة عام 1940.
في نفس الوقت التحق محمد صيام بسلك التعليم، فكان يعمل ويدرُس اللغة العربية وآدابها والخط العربي، ثم انتقل إلى القدس بعد مدرسة لفتا، وفتح مكتباً له في القدس الغربية وبدأ يعمل، والجدير بالذكر أنه كتب اسم جريدة الاتحاد التي تصدر في حيفا وما زالت الجريدة اسمها مكتوب بخط يده منذ عام 1943، وتوقيعه ظاهر وواضح حتى إن الجريدة اعتبرته من المؤسسين واحتفلت به وكرّمته على ما اعتقد عام 1989.
حصلت نكبة 1948 ولم يستطع أن يستمتع بالبيت الذي أكمل بناءه في القدس الغربية في شارع يافا في تلك الفترة، فأجبر على الرحيل، فانتقل إلى القدس الشرقية، وفتح مكتباً له في البلدة القديمة؛ باب خان الزيت خلف صيدلية الطزيز، واسم الحي عقبة البطيخ، وما زالت اللوحة التي تحمل اسمه موجودة على الحائط فوق مكتبه، وفي هذا المكتب بدأ بكتابة الأعمال الفنية التجارية من أختام وكليشهات وزنكوغراف ولوحات بأسماء أصحاب المهن كالأطباء والمحامين والمهندسين وغيرهم.
عمل معلماً في المدرسة البكرية بالقدس، وبرع بالتدريس ثم عُيّن مديراً للمدرسة البكرية بالقدس، وعمل في نفس الوقت خبيراً لمضاهاة الخطوط وكان الخبير المعتمد لدى المحاكم في المملكة الأردنية الهاشمية، وبرع في هذا المجال حتى أصبح فيما بعد أكبر خبير خطوط في الشرق الأوسط، وتقريره لدى المحاكم هو القرار الفصل في القضية ولا ينازعه منازع في هذا المجال، فكان يقول أرى أشياء خفية لا يلاحظها الإنسان العادي، لكنه يلتقطها وبسرعة يلحظها فكان شديد الملاحظة وبنظرة ثاقبة والحمد لله لم يخفق في حياته قطّ، وكان دائماً ضميره مرتاحاً، وأنه لم يظلم أي إنسان أبداً، وكان حريصاً على إقامة العدل وإرجاع الحق لأصحابه مَهما حاول بعض ضعفاء النفوس. ومقولته دائماً أنه حالف يميناً بالله العلي العظيم بأن لا يُدخل قرشاً واحداً حراماً على بيته، يا له من إنسان شريف نظيف عفيف النفس، إنه إنسان عظيم يتمتع بخصال قلّما تجدها، وهذا ما رباه وغرسه فينا.


له كتيب بعنوان: "مضاهاة الخطوط"، وهذا الكتاب يبحث في مضاهاة الخطوط والتواقيع والأختام والإجراءات التي يتخذها الخبير أثناء عملية الاستكتاب والمضاهاة وبيان النقاط الفنية التي يعتمد عليها في النفي والإثبات، وهو الخبير في مضاهاة الخطوط وخبير دوائر الأمن العام الأردنية السابقة، الطبعة الأولى سنة 1990 وطبعاً جميع الحقوق محفوظة للمؤلف.






المرحلة الثالثة:
في عام 1952 أصدر ستة أجزاء لتعليم خط الرقعة لطلبة المرحلة الابتدائية وأسماه كراس السهل، وهذه الكراسات يرشد فيها كيفية التدرّب على كيفية كتابة الأحرف مع الرسم، وكيفية استخدام القلم وما فوق السطر وما على السطر وما تحت السطر، ثم هناك ملاحظة هامة جداً أن يبدأ الطالب الكتابة في الكراس من أسفل الصفحة إلى الأعلى لتبقى عيني الطالب على ما كتبه محمد صيام ولا ينظر الطالب إلى ما كتبه هو في أسفل الصفحة حتى لا يكرر أخطاءه، وعندما يصل الطالب بالكتابة إلى الأعلى يجد فارقاً كبيراً في ما بدأ يكتب به وما وصل به، إنها نظرية تربوية اتّبعها محمد صيام لإتقان الخط.
تأليف هذه الأجزاء الستة أخذت منه وقتاً وجهداً وتعباً فكان يبدأ بالعمل صباحاً في المدرسة، وبعد الظهر يبدأ العمل في الكراسات، ويبقى طيلة الليل يكتب بشكل متواصل من دون نوم، وكثيراً من المرات يبقى طيلة الليل إلى أن يبزغ الصباح فيبدأ نهاره ويزاول عمله كالمعتاد، وهو لم ينم لحظة واحدة والسيدة حرمه جالسة معه، تسهر معه وتؤمّن له كل أسباب الراحة.
بعد أن أنهى العمل سافر إلى مصر وبالصدفة كان سفره يوم 23/7/1952 يوم الثورة المصرية وقيام الجمهورية وأمضى ثلاثة أشهر أنجز فيها كل أعماله إذ تحوّل عمله إلى كليشيهات جاهزة للطبع، وطبع الكراسات في المطبعة العصرية بالقدس وكان صاحب المطبعة انطون شكري لورنس وما زال له فندق لورنس الآن في القدس شارع صلاح الدين.
ثم قررت وزارة التربية والتعليم الأردنية تدريس هذه الكراسات في مدارسها، لم يتوقف هذا الإنجاز فكان طموحه أكبر من ذلك، فكان يكتب اللوحات الفنية، وكان مديراً للمدرسة البكرية في القدس، مع عمله كخبير خطوط، بالإضافة إلى إعطاء المحاضرات في دور المعلمين والمعلمات والمعاهد العليا في جميع أنحاء المملكة الأردنية الهاشمية، واعتبرته وزارة التربية والتعليم من الشخصيات الندرة أي من الشخصيات النادرة، فكان عليه كثير من المهام كُلّف بها، وعمله متواصل باللوحات الفنية، وبقي على هذه الحال من العمل المتواصل تربوياً وفنياً وكخبير خطوط.
كان رحمه الله منظماً جداً في حياته ومع عائلته، وكان يعطي كل واحد من أولاده حقه من العناية والحب والعطاء، كما كان كذلك مع زملائه وطلابه يحيطهم بعنايته ورعايته، فقلبه كبير يتسع للجميع، وكل من يتعرف عليه يحبه ويحترمه ويقدرّه.
أما السيدة الوالدة فكانت تقوم برعاية العائلة التي أصبحت ثلاثة بنات وولدين، وكانت توفّر كل أسباب الراحة في البيت.






حلّت نكبة 67 وكان محمد صيام قبل الحرب مديراً للمدرسة العمرية بالقدس، وعندما حلّ الاحتلال رفض العمل مع الاحتلال والعودة إلى مدرسته، فاتفق مع زملائه من رجال التربية والتعليم على تأسيس مدارس خاصة بالقدس تدرّس المنهاج الأردني وبمساعدة الأوقاف الإسلامية بالقدس، واستلمت كل شخصية من هذه الشخصيات إدارة مدرسة من المدارس.
أسس محمد صيام القسم الأكاديمي في دار الأيتام، وكان مديرها وعمل في هذه المدارس معلمون ومعلمات ممن لم يعملوا في مدارس القدس الحكومية، أو كما يقال مدارس بلدية القدس، واستوعبت المدارس هذه معظم طلاب القدس وضواحيها، واتسعت للإناث والذكور، ويُقدِّم الطلاب التوجيهي (الثانوية العامة) الأردني، وبهذا حافظوا على عروبة القدس.
وواجه مدراء هذه المدارس قوات الاحتلال واستمروا بالعمل، والجدير بالذكر في هذه المرحلة أنه أَوقف العمل كخبير خطوط فالوضع تغيّر ولن يعمل مع محاكم الاحتلال.






أعماله:
عمل في سلك التربية والتعليم لمدة خمسين عاماً معلماً ومديراً في القدس، وضع عدة كراريس لتعليم الخط العربي: سلسلة كراس السهل، ثم كراس حدائق الخط العربي، وأقام عدة دورات، وألقى العديد من المحاضرات، كما أقام عدة معارض، وكتب كثيراً من اللوحات الفنية في جميع أنواع الخط العربي، إلى أن طلب التقاعد. والجدير بالذكر أنه طلب التقاعد ست مرات، ولكن دائماً كان يُجدد له إلى أن نال التقاعد، وتفرغ للخط العربي تماماً، وترك مضاهاة الخطوط إلا في بعض القضايا التي لم يستطع واجبه الوطني أن يرفضها خاصة أنها تتعلق بعقود تزوير في بيع الأراضي، وأثبت أن العقود مزورة، ودفع غاليا ثمن شهادته هذه إذ كانت هناك محاولة لقتله، وتم اقتحام البيت وسرقة محتوياته، وسُرقت كل ما تملكه السيدة حرمه من مصاغ، هذه الحادثة كانت عام 1989، وكتبتْ في حينها الصحف المحلية كثيراً عن الموضوع، ويعلم الجميع بهذه الحادثة التي ما زالت لغاية الآن يتحدث الناس عنها، والدافع هو الانتقام منه، لكن هذه الحادثة لم تثنه عن مبادئه وأهدافه، وزاول عمله كأن شيئا لم يحدث فوضع كتاباً في مضاهاة الخطوط.
وكان من أهم أهدافه إنشاء مدرسة تحسين الخطوط على غرار المدرسة المصرية التي درس فيها، وكان له ما خطط له، فأقبل محبّو الخط العربي، وأخذ يدرّس عشّاق الخط العربي، وتخرّج على يديه العديد من الخطاطين الناشئين، وفتح مكتبه وبيته، وكانت السيدة حرمه أم هاني الداعم له، فكانت هي مديرة مكتبه، وهي تدير أمور الطلاب، كما أنها كانت المستشار الفني له، وكلما كان يجلس للكتابة تكون بجانبه مشاركة معه تراقبه وهو يخطّ كل حرف، وهنا أود أن أقول إنها كانت معه في كتابة كل حرف لم تفارقه لحظة واحدة، لم تكن مثل بقية النساء إطلاقاً، وتقوم بواجب كل من يذهب عندهم حتى إنني أتذكر السيد عميد جامعة النجاح في نابلس السيد قدري طوقان رحمه الله قال لها الجائزة الحقيقة يجب أن تكون لك لقد كانت بشوشة، وتستقبل وتحب الجميع، وكانت سيدة نشيطة جداً، رحم الله الوالدة فلقد توفيت سنة 2005، وحاولت كثيراً أن تساعد كل من يطلب منها أي طلب لتكمل المشوار من بعده.




















يلخص والدي محمد صيام بقوله: "كنت شغوفاً بقراءة القرآن الكريم، وانتقل هذا الشغف إلى خط هذا الكتاب العظيم، فكنت أنزع الورق الشفاف وأنقل الخط عن المصحف، وكانت النتيجة عظيمة، وتلاقي إعجاب الزملاء في المدرسة الرشيدية.
في المدرسة كان الأستاذ عبد القادر الشهابي يشجعني ويأخذ بيدي وكان خطاطاً بارعاً لا يضاهيه أحد في فلسطين وقد قال لي إذا طورت نفسك فسوف يكون لك شأن في المستقبل".
يقول محمد صيام: "عملت بوصية أستاذي وسافرت إلى مصر وتتلمذت على أيدي الأستاذ القدير سيد إبراهيم".


ويردّ على سؤال كيف برزتَ كخطاط؟ فكانت إجابته: "عملتُ مدرساً للغة العربية التي أحبها بكل فروعها منذ عام 1938 في مدرسة لفتا لغاية 1938، ثم انتقلت إلى المدرسة البكرية بالقدس، ومكانها الآن جمعية الشبان المسيحية، وفيها قضيت 13 عاماً، وقد لمع اسمي آنذاك حتى إن مدير المعارف في حينها كلّفني بالتدريس في ثلاث مدارس سنة 1948، ثم واصلت العمل في حقل التعليم وعُينت مديراً للمدرسة البكرية، ثم العمرية بالقدس حتى عام 1967، ورفضتُ كافة الوظائف التي عُرضت عليّ بعد ذلك وما أكثرها".
هنا أودّ أن أعلق وأؤكد ما قاله الوالد، حيث حضر إلى بيتنا مدير المتحف الإسرائيلي بالقدس، وعرض عليه العمل براتب كبير، فرفض والدي رفضاً قاطعاً، ثم طلب من والدي أن يتم عرض اللوحات الفنية مقابل مبالغ طائلة من المال، لكنه رفض، قال له ما رأيك أن نصور اللوحات ونعملها مايكروفيلم ونعرضها أيضاً، رفض ثم طلب أن يرى لوحة من لوحاته، فقال لنا الوالد احضروا لوحة واحدة، والجدير بالذكر أن اللوحات كانت مخبأة وكل لوحة مغطاة، تناولنا لوحة وكشفنا الغطاء عنها فإذا هي الآية الكريمة: "وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" إلى آخر الآية، ففوجئ المدير كيف خرجت لنا هذه اللوحة، ونحن لم نعرف أنها سوف تكون الجواب النهائي لهذه المساومة، والله على ما أقول شهيد، هذا ما حصل فخرج من البيت ولم نقدم له حتى فنجان قهوة.






محمد صيام يروي رحلته مع الخط العربي:
"الخط العربي يعني لي الهواء الذي أتنفسه، وكالدم يسري في عروقي هو الجمال الذي استمتع، هو الغذاء الذي أغذي به روحي، هو كل شيء بالنسبة لي، إنه موسيقى دائمة العزف في نفسي وقلبي".
كان دائما يردد قول الخليفة العباسي المأمون حين قال: "إذا فاخرنا الفرس بفنونهم وحضارتهم فإننا نفاخرهم بكثرة ما لدينا من خطوط".
قال محمد صيام عن الحرف العربي: "الخط العربي كائن حي وليس مجرد أشكال، أحسّ بأن حروفنا تتفاعل في نفس الإنسان، وتكاد تنطق، ويخيّل للفنان المتمكن بأن الحروف والكلمات تناجيه وتحدّثه، ولكل حرف انطباع معين هو ما يسمّيه الفنانون بالموسيقى الكامنة في هذا الشكل".
ويقول محمد صيام العاشق الكبير للخط العربي: "إنني أتفاعل مع الحروف، وتتفاعل الحروف معي، أكاد أكلمها وتكاد تكلمني، فتراكيب الحروف والكلمات تخلق في نفسي انطباعاً يجعلني أتلذذ بالنظر إليها، وخاصة كلمة لفظ الجلالة: "الله"، فهي رغم صغرها فإن أسرارها عميقة وقاعدة كتابتها تختلف عن قواعد الكلمات الأخرى".








أما البسملة فيقول محمد صيام: "حظيت البسملة بنصيب وافر من اهتمام وعناية الخطاطين على مر العصور، فكتبوها بأشكال وتراكيب مختلفة على هيئة الفواكه والطيور، ويعود ذلك إلى ما فيها من بركة وثواب وردت في أحاديث نبوية بهذا الخصوص، على هذا الأساس نرى في عصرنا هذا أن الدول الإسلامية قاطبة تتوج بها دوائرهم الرسمية وجميع ما يصدر عن دواوينهم ودوائرهم من شهادات وبراءات ووسائل وغيرها الأمر الذي جعلها موضع الاهتمام والعناية حتى إن عامة الناس في أيامنا هذه لا يكتبون صكاً أو عقداً أو حتى رسالة إلا وتتصدر البسملة كتاباتهم وأوراقهم، وهناك من يضع شارة خاصة في رأس الصفحة ورثوها عن الأتراك العثمانيين واصطلح على أنها رمز البسملة يستعيضون بها عن كتابتها".
هناك بسملة مركبة بالثلث وضعها الخطاط مصطفى الراقم، وهناك بسملة بالثلث مع فراغين، وبسملة في شكل طغراء، وبسملة بالثلث الميمات والراءات خنجرية".


قول محمد صيام: "اكتب المعاني العظيمة بخطوط عظيمة"
ويقول: "إنني أتأمل اللوحة الخطية واستمتع بذلك وقد أناجيها، وربما أسمع ما يشبه الجواب على مناجاتي". علّق أحد الفنانين على هذه الأقوال وقال: إن هذا القول يدل على أنه فنان عملاق، ووصل إلى أعلى درجة في تفاعله مع فنه وإلى أي حد يكون فناء الفنان في فنه.
كما ويشبه لوحاته بقوله: "أجمل أوقاتي هي أوقات الكتابة إذ أشعر بلذة تامة، وأتجاهل كل شيء وأنغمس تماماً في العمل، إنني أعيش بين أولادي، وهذا يزيد سعادتي"، أي أنه يشبه اللوحات مثل أولاده.
ويقول محمد صيام ما قاله أجدادنا عن الخط العربي: "ويجمل الخط إذا اعتدلت أقسامه، وطالت ألفه ولامه، واستقامت سطوره، وضاهى صعوده حدوره، وتفتحت عيونه، ولم تشتبه راؤه ونونه وتساوت أطنابه، واستدارت أهدابه، وصغرت نواجذه، وانفتحت محاجره، وقام لكاتبه مقام النسبة والحلية، وخيل إليه أنه يتحرك وهو ساكن".
إن محمد صيام على اطلاع واسع على المسيرة التاريخية لفن الخط العربي وله تاريخ حافل في الحنو على مقاييسه وانسجام حروفه وله كتاب رياض الخط العربي يتناول فيه تطوره منذ العصر العباسي.
أما عن نشأة الخط العربي فيقول تعلم العرب فن كتابة الخط على أيدي الأنباط خلال رحلتي الصيف والشتاء للتجارة مارّين ببلاد الشام صيفاً ومصر شتاءً، وبحكم مرورهم بـ"البتراء" عاصمة الأنباط، واحتكاكهم بأهلها اقتبسوا منهم الحروف ومبادئ فن كتابة الخط، ولعل الخط الكوفي والخط الحجازي مقتبسان من الخط النبطي.
واهتم العرب والمسلمون بتحسين الخطوط وتجويده حتى بلغ عدد الخطوط حوالي عشرين نوعاً أو ما يزيد مع نهاية الخلافة العثمانية.
أما الخلفاء العثمانيون فاهتم بأمر الخط وخصوصاً في عهد السلطان عبد الحميد الذي أرسل واحداً من كبار الخطاطين الأتراك في ذلك العصر واسمه عبد الله الزهدي، وهو من أصل فلسطيني ومن مدينة نابلس، إلى المدينة المنورة لكتابة آيات قرآنية داخل المسجد النبوي الشريف، كما أرسل الخطاط محمد شفيق إلى مدينة القدس لكتابة سورة "يس" على قبة الصخرة من الخارج، وأرسل الخطاط يوسف رسا إلى مدينة دمشق لكتابة آيات قرآنية داخل المسجد الأموي .
وعند عودة عبد الله الزهدي من المدينة مرّ بمصر فاستبقاه الخديوي إسماعيل وعيّنه مدرساً للخط العربي في المدرسة الخديوية في القاهرة ولما حصل الانقلاب في تركيا وتولى السلطة مصطفى كمال أتاتورك عمد إلى استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية، فنزح مشاهير الخطاطين من تركيا وارتحلوا إلى البلاد الإسلامية الأخرى، فحظيت مصر بالنصيب الأوفى فجاءها أعظم خطاطي ذلك العصر وأذكر منهم الحاج أحمد الكامل وعبد العزيز الرفاعي، كما ارتحل الخطاط يوسف رسا، وفي هذه الفترة أنشأ الملك فؤاد مدرسة تحسين الخطوط في القاهرة وعيّن فيها أولئك الذين نزحوا من تركيا.




محمد صيام والمسجد الأقصى:
يقول محمد صيام: "كنت أذهب إلى مسجد قبة الصخرة، وأمضي الساعات الطوال وأنا رافعاً رأسي أشاهد الخط على قبة الصخرة، إلى أن تؤلمني رقبتي ثم أعود وأرفع رأسي وأتابع"، ويقول: "أخذتْ مني وقتاً طويلاً سورة "يس" على قبة الصخرة وأنا أحدق فيها وأمتع النظر فيها، بالرغم من ألم رقبتي من طول النظر إلى الأعلى وفي كل مرة أعود".




الكلمة والخط:
سئل محمد صيام هل هناك علاقة بين الكلمة والصوت، فأجاب: "يعتقد بعض العلماء أن الألفاظ أُخذت من أصوات الأشياء، مثلا خرير الماء أو حفيف الشجر، الكلمة فيها صوت المعنى وصورة الصوت، إذا صح هذا التعبير".
كما سئل هل من علاقة بين الكلمة والصورة، فيجيب: "الخطاط المتمكن يرى في شكل الكلمة معناها، إذ كانت الكتابة في بادئ الأمر تصويرية كما في الهيروغليفية والفينيقية التي أخذ منها الأنباط حروفهم".
سئل أيضا عن أكثر الكلمات دلالة في ذهنك، فأجاب: "لفظة الجلالة "الله" فيها أسرار كتابية عميقة لا يجيد كتابتها إلا المتمكنون من هذا الفن، بحيث لو اختل توازن في ناحية بسيطة من هذه الكلمة لما أعطت الانطباع الذي ينشده الخطاط، وأنا أحكم على غيري من الخطاطين من كتابتهم لكلمة "الله" ففيها تظهر قوة وقدرة الخطاط في الكتابة، أضف إلى ذلك أن لها قاعدة خاصة تختلف عن قواعد الخط في جميع أنواع الخطوط".
وقال عن الخط العربي أنه وسيلة للمعرفة ووسيلة للعبقرية الأمران معاً، وهو مظهر حضاري تقاس به حضارة الأمم، وفيه تتجلى عبقرية الفنان الذي يجد لذة كبيرة لدى النظر إلى هذا الفن وتأمله بما يحتوي من فنون تتفاعل فيها نفسه وروحه".
أما عن علاقة الخط العربي وعلاقته بالفن التشكيلي، فيقول: "الخط العربي هو الأكثر ارتباطاً بالفنون؛ تشترك حواس الإنسان جميعها، فمن العين التي تنقل الجمال إلى أحاسيس الإنسان، وتدفع بها إلى أعماق النفس، وهو ينمّ ويكشف عن طباع كاتبه، ومواطن الجمال في الخط العربي كثيرة منها ما هو محسوس ومنها ما هو خفي، ومن علامات الجمال المحسوس أمور بعضها نطلق عليه استقامة الحروف العمودية توازي هذه المستقيمات تماثل الحروف مهما تكررت تماثل الكلمات والمقاطع مهما تكررت حسن التصرف في التركيب، أما الأشياء الخفية فلا يمكن وضعها بالألفاظ إنما هي أحاسيس وانطباعات يتأثر بها الإنسان ويشعر بنشوة، خاصة أنها انفعال أو تفاعل الخط مع مزاج هذا الإنسان".
هنا يتوقف الإنسان كثيراً عند قراءة هذا التحليل النفسي ومعرفة خبايا النفوس وهذا يدل على تعمقه في معرفة النفس البشرية. وأنا أؤكد على قوة تحليله للنفس البشرية فكان يعرف كثيراً ما يريد أن يقوله أي شخص أمامه دون أن يقول كلمة واحدة فهل نسميها فراسة أو حدساً، لكن دون شك فهو يتمتع بذكاء خارق، وإنه سابق لعصره.


أيد من دون تحفظ القول بأن الخط هو تجاوب رحماني بين الذهن والصورة.
وسئل عن رأيه في تفسير وتسمية الأحرف العربية، فشبه شاعر تركي الحرف "لم الف" بأنه إنسان يستغيث وصادق على هذا الوصف، وأضاف محمد صيام بصحة هذا الكلام كما أن لكل حرف وصفاً، فقد شبه حرف الألف بغادة جميلة طرحت ذؤابتها للخلف، والهاء الوسطى "جهج" شبهت بأذن الفرس، وحرف العين سمي فم الثعبان وفم الأسد وفم الثعلب، وحرف النون شبه بالهلال، وحرف الهاء الأولى بعين الهرة، والكاف الأولى كل زنارية، وهكذا فلكل حرف صفة تشبيهية خاصة".
ويتابع:
"يمتاز الخط العربي بجمال حروفه وليونتها ومطاوعتها على التفنن والإبداع، حيث تتداخل حروفه ببعضها مما ينتج عن ذلك جمال ما بعده جمال، هذا من جهة ومن جهة أخرى تعدد الأنواع الأمر الذي يتيح للفنان العربي أن ينتج من هذه الحروف لوحات فنية.
ومواطن الجمال في الخط العربي كثيرة أكثرها يتولد من انطباعات معينة يحس بها المتفحص وفي كثير من الأحيان لا يستطيع التعبير عن هذه الجماليات إلا بإحساسه.
ولقد أعجب الغرب بحروفنا العربية لدرجة أنهم صاروا يستعملونها كزخارف دون معرفة قراءتها لمجرد جمالها فقط.
ويؤكد بأن أهمية الخطوط العربية تنبع أولاً من القران الكريم، حيث اعتمد كافة الخطاطين على كتابة المصاحف الشريفة، هذا إلى جانب أنه وجه من وجوه حضارة العرب والإسلام، وتعد من أبرز ما خلفه لنا الأجداد من التراث إذ كانت للخطوط العربية قيمة كبيرة عند الخاصة والعامة على حد سواء دفعهم للتنافس على اقتناء اللوحات لمشاهير الخطاطين".
ويسرد محمد صيام الحقائق التاريخية حول الخط العربي فيقول: "لقد كان الخط العربي في يوم من الأيام يربو على الثمانين نوعاً اختزلت فيما بعد إلى عشرين نوعاً أدمجت هذه العشرين بعضها ببعض فصارت ثمانية أنواع هي الكوفي، النسخي، الثلثي، الرياضي، الديواني، جلي الديواني، والفارسي، ولتقارب الخطوط بعضها من بعض لدرجة يصعب فيه تمييز نوع من الآخر.
قام الفنانون وممن حملوا لواء الخط العربي بتنسيق هذه الخطوط وعلى مستوى العالم العربي والإسلامي إلى ثمانية أنواع فقط".


نصب محمد صيام رئيس الخطاطين بفلسطين كما ورد في سلسلة كتاب طبقات الخطاطين في فلسطين عام 1986. قام محمد صيام بتخطيط آيات قرآنية بخط الثلث المركب في مسجد الشريف حسين بن علي ببيت المقدس وبطول اريعين مترا. حاز على الجائزة الاولى في المسابقة التي اعدتها اللجنة الدولية للحفاظ على التراث الحضاري الاسلامي التابعة لمنظمة المؤتمر الاسلامي في اسطنبول تركيا وهذه المسابقة تقام مرة كل اربع سنوات تخليدا لاحد عظماء الخطاطين والمسابقة الاولى اقيمت تخليدا للخطاط حامد الآمدي.










كرمه المغفور له جلالة الملك حسين كما كرمته دولة فلسطين بوسام القدس للثقافة والفنون الفلسطينية في مهرجان الثقافة الاول في القاهرة عام 1990. شارك في معظم معارض الخط العربي منذ عام 1955. اقامت جامعة بيت لحم معارض للخط العربي عامي 83 و84. وهنا اود ان اذكر ان جامعة بيت لحم باشراف الدكتور قسطندي الشوملي وتشجيع نائب الرئيس الاعلى للجامعة كانت مهتمة جدا بالخط العربي وتقيم معرض للخط العربي تم اصدار كتاب ضم تصوير اللوحات كما كتب نبذة عن حياة الخطاطين تنويها بخطهم واعتزازا بخطنا العربي الجميل وكتب محمد صيام في سجل الجامعة ما يلي " يسرني هذا الاهتمام بالخط العربي بعد ان اناخ عليه الدهر بكلكه في المدة الاخيرة وان هذا المجهود الضخم الذي قامت به جامعة بيت لحم يستحق كل شكر وثناء كما يسرني ان شاركت في عرض بعض اللوحات التي كتبتها في اوقات متباينة مرة اخرى اشكر جامعة بيت لحم والقائمين عليها وعلى اهتمامهم بهذا التراث العربي الجميل كتب هذا في 30/9/1983 كما القى محاضرة عن الخط العربي في هذا اليوم في الجامعة وكانت بطاقة الدعو بالشكل الاتي :


جامعة بيت لحم
دائرة اللغة العربية
تتشرف دائرة اللغةالعربية في جامعةبيت لحم
بدعوتكم لحضور محاضرة بعنوان
الخط العربي انواعه وقواعده
يلقيها الاستاذ والخطاط الكبير
محمد صيام
وذلك في تمام الساعة الثالثة من بعد ظهر
يوم الجمعة الوافق 30 ايلول 1983


رأي محمد صيام في الخط الجديد، فيقول: "أنا أحذر أي خطاط من الهروب من صعوبة الخط التقليدي القديم واللجوء إلى الهوس، احذر من التطوير الذي لا يأخذ التراث بعين الاعتبار".
كما يقول: "لا أقبل تطويراً للخط العربي يعتمد على قواعد كتابة الحروف الأجنبية"، ويضيف: "ما يسميه الخطاطون المحدثون بالخط العصري لا أقبله فليس لهذا الخط قواعد معينة وإنما يتصرف الخطاط كيفما شاء بانحناءات لولبية لن تضفي شيئاً من الجمال على الخط العربي وإنما تعود به إلى الوراء، والخطوط الأجنبية أصلا ما هي إلا خطوط فنية هندسية ترسم بالمسطرة والقلم، أما الخط العربي فيمتاز بجمال حروفه وليونتها ومطاوعتها للتفنن والإبداع، حيث تتداخل حروفه بعضها ببعض فينتج عن ذلك جمال لا يضاهيه جمال وتعدد أنواع الخط العربي يتيح للفنان أن ينتج من هذه الحروف لوحات فنية راقية".
لا يؤمن محمد صيام بإنصاف الخطاطين كما يرى بان هذا الفن مميز.
ويقول بأن الخط العربي في فلسطين بالرغم من ظروف الاحتلال يعيش الخط العربي نهضة لا بأس بها حيث أصبح في فلسطين مجموعة من هواة الخط العربي يهتمون به ويتدربون وهذا يبشر بنهضة قوية للخط العربي في هذا الجزء من العالم .










أدوات الخط العربي:
سئل محمد صيام لماذا لا تستعمل الألوان في الخطوط، فأجاب: "استعمل اللونين الأسود والأبيض وأحياناً قليلة الذهبي، الألوان لا تمشي مع قلم البوص، كما أنني لا أعتقد أن الألوان يمكن أن تبرز جمال الخط؛ جمال الخط جمال ذاتي وليس بحاجة إلى أصباغ لإظهار جماله، ولا يوجد عندي أي فكرة أو ميل لعمل هذا الشيء"، أما "بالنسبة للأحبار هناك صعوبة كبيرة في الحصول على الحبر لعدم توفره محلياً يتم صنعه يدوياً ويحتاج إلى خبرة ومهارة، وعندما كنت في تركيا شكوت للمسؤولين في مركز الحفاظ على التراث الإسلامي من مشكلة الحبر، وقد أرسلوا لي كمية مع أحد الأصدقاء ولكن تمت مصادرتها على الجسر.
ميزات الحبر الأصلي أنه لا يجف على سن القلم، سلس في الكتابة، ويبرز الزوايا والمناطق الدقيقة في الحروف، وكلما طال عليه الزمن على الورق زاد سواده بعكس الأحبار الموجودة في الأسواق.
والحبر التركي الأصلي اسمه اسطنبولي، وقد كنا نجلبه من مصر من السيد محمد حسن التبريزي من منطقة الموسكي حيث كان عنده كل أدوات الخطاطين وأهمها:


1- اقلام البوص ويسمى في مصر قلم البسط.
2- الحبر الاسطنبولي
3- الدواة لوضع الحبر ويوجد معها اشكال وانواع متعددة ويوضع في العادة قطع من الحرير البلدي في قاع الدواة ونسميه الليقة وهدفها امتصاص الحبر وعندما يغط الخطاط بوصته في الليقة تحمل حاجتها من الحبر لا اكثر ولا اقل.
أما الآن فانا اصنع القلم بنفسي حيث ابري البوصة حسب قوانين متعارف عليها وتعتبر قطة القلم هامة جدا حيث توجد قطة مناسبة لكل نوع من الخطوط".
كنت اتمنى بمعهد لتحسين الخط حاليا ادرب 17 طالبا وبعضعم انهى ويعتاش من هذا الفن والاحظ اهتماما متزايدا بالخط العربي من جمعيات ومؤسسات تقيم المعارض لهذا الغرض ويزداد عدد المهتمين بتعلم هذا الفن ينتابني لذلك شعور بالفخر لدوري في هذا ".






أما الآن فأنا أصنع القلم بنفسي، حيث أبري البوصة حسب قوانين متعارف عليها وتعتبر قطة القلم هامة جدا حيث توجد قطة مناسبة لكل نوع من الخطوط".


كنت أتمنى بمعهد لتحسين الخط حالياً أدرب 17 طالباً وبعضهم أنهى ويعتاش من هذا الفن، وألاحظ اهتماماً متزايدا بالخط العربي من جمعيات ومؤسسات تقيم المعارض لهذا الغرض، ويزداد عدد المهتمين بتعلم هذا الفن ينتابني لذلك شعور بالفخر لدوري في هذا".










يقول محمد صيام إن مستقبل الخط العربي في فلسطين إذا استمر الاحتلال فسيكون سيئاً خاصة لعدم وجود من يرعى هذا الفن الرفيع".


محمد صيام يقول عن نفسه: "إنني لست عصبياً، قد أنفعل أحياناً، ولكني سرعان ما أهدأ، وأفضل الاعتزال عند الكتابة، أما أمنيتي في الحياة هي واحدة لا غير، السلام للبشرية جمعاء فالإنسان أخو الإنسان بغض النظر عن الدين والعقيدة".


يعتقد الإنسان أن محمد صيام يعيش في عزلة عن الحياة والانتفاضة والهم الفلسطيني، لكن إذا أمعنت النظر في لوحاته تجد أن اختياره للاقتباسات الشهيرة من القرآن الكريم والتراث الإسلامي والشعر العربي تجد أن خياراته تعكس التحولات النفسية للفنان، وترى لوحة: "واصبر على ما أصابك"، التي كتبها خلال الانتفاضة سنة 87، ولوحة: "وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة تدق" للشاعر أحمد شوقي، كما أن هناك لوحة: "وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي"، يقول محمد صيام: "إنني أعيش في صميم السياسة؛ اللوحة مرآة نفسي أكتب أحياناً وأنا غاضب: إن ذلك لا يُشرح باللفظ بل بالإحساس باللوحة والحرف.


أما عن حبه للقدس فلا يوصف، فهي تجري في دمه وفي روحه بل وأوصى أن يدفن في القدس.


كان يقول عن نفسه: "كاتب كلام الله"، وهذا ما كتبه لتوضع على شاهد قبره، قال: "سأكتب على شاهد قبري: كاتب كلام الله".


والجدير بالذكر أنه أهدى الرئيس الشهيد ياسر عرفات لوحات ثلاث، وكتب الإهداء بخط يده، أما اللوحات الأولى: الفاتحة والثانية: "فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم" إلى بقية الآية الكريمة، أما اللوحة الثالثة فهي: "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون".


يكن محمد صيام الحب والاحترام إلى السيدة زوجته التي وقفت بجانبه كرمها بأن أهدى كتابه رياض الخط العربي إليها عرفاناً بجميلها ووفائها، وقال في الإهداء "إلى شريكة حياتي إلى رفيقة دربي إلى مثال الوفاء والإخلاص إلى أم هاني أهدي هذا الكتاب".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق